حينما اغلقت المكتبات الخيرية !!
عبدالعزيز بن محمد السبيعي ..الاثنين ١٨ ذو الحجة ١٤٤٠ للهجرة ..
صدر منذ فترة قرار بإغلاق المعاهد القرآنية ..والذي أشرف على إصداره وزير محسوب على الدعوة السلفية وحفيد للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله !!
ووكلاء وزارة : كل كلامهم عن القرآن والسنة ومنهج السلف عاملهم الله بعدله !!
وأول قراراتهم : إلغاء معاهد القرآن الكريم !!!
فماذا بعد هذا القرار ؟!!!
عن التاريخ القريب سأتحدث :-قد لا يعرف جيل الصحوة الإسلامية الحالي المراد بالمكتبات الخيرية !!
لأنها النواة الأولى للصحوة في بدايات القرن الهجري الخامس عشر !
حتى تم إغلاقها بعد ربع قرن من أنشطتها تقريبا !!!
هذه المكتبات كانت عبارة عن غرف ملحقة ببعض المساجد !!
تحوي مجموعة متوسطة من الكتب المتنوعة غالبها شرعي وعربي وتاريخي وثقافي عام وأدبي !!!
يجتمع فيها مجموعة معينة من روادها الشباب يدرسون غالبا في المرحلتين المتوسطة والثانوية
ويشرف عليهم شباب اكبر منهم في المرحلة الجامعية وبعض المعلمين وطلبة العلم المتميزين !!
يمارس فيها هؤلاء الشباب العديد من الأنشطة المتنوعة بعضها علمي وبعضها ثقافي وبعضها اجتماعي رياضي ..
مثل القراءة الخاصة والعامة .. والمذاكرة المدرسية .. والدروس الشرعية والتربوية .. والمسابقات الثقافية العامة ..
هذا داخل المكتبة ...
وخارجها في نهايات الأسابيع : أنشطة الرحلات والطلعات والمخيمات والأنشطة الرياضية المختلفة اثناء تلك الرحلات !!!
كانت هذه المكتبات تجمع هؤلاء الشباب .. ويتعارفون بينهم ويتحابون في الله .. وتتوثق العلاقة بينهم ويحرصون على ارتيادها بشكل بومي بسبب الراحة والأنس والفائدة التي يجدونها فيها ..
حتى صارت جزءا من حياتهم الخاصة التي لا يستطيعون الاستفتاء عنها بسهولة !!!
ليس المجال بحثا تفصيليا عن هذه المكتبات وذكرياتها فلعل هذا يكون في مقالات أخرى مناسبة !!
لكن الذي أردته :
حادثة إقفال تلك المكتبات ومنع الاجتماع فيها ...
وهي حادثة حزينة جدا ما زالت في الذاكرة .. ظننا بعقولنا الشابة الصغيرة حينها : ان الدعوة والصحوة لن يقوم بعدها قائمة !!![/color]
لم أنس ابدا ذلك الشعور بالقهر والعجز حينما قيل لنا : إننا لن نستطيع الاجتماع في مكتباتنا التي عشنا فيها اجمل أيام حياتنا مرة أخرى ...
ولم نكن نعلم أن قوله تعالى (( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء:19].
وقوله تعالى (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[البقرة:216]
وقوله ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)
ستنطبق على إغلاق مكتباتنا أتم الانطباق !!!!
فماذا حدث ياترى ؟!!
لم يستقبل المصلحون القرار بتشنج وتهور ، وتعجل وغضب ، وحزن زائد عن القدر الشرعي المقبول !
بل بادروا في البحث عن بدائل تربوية ودعوية مناسبة عوضا عن مكتباتهم الخيرية !!
فكانت النتيجة : نصح الشباب بالالتحاق بحلقات التحفيظ المنتشرة في بعض المساجد ..
وجعلها منطلقات جديدة لتربية الشباب ودعوتهم واجتماعهم على كل خير ..
فماذا كانت النتيجة ؟
النتيجة أن من فرح بقرار إغلاق المكتبات الخيرية حينها :-
تمنى أنها لو زادت أضعافا ولم يحصل ما حصل بعد إغلاقها !!!
والسبب :- أنه حدث ثلاث تغيرات مدوية لم يحسب لها المصلحون ولا أعدائهم حسابا .. ولم يدر في خلدهم حصولها :-
الأول:- من ناحية ( الكم ) بعد أن كانت محاضن الشباب الخيرية الصحوية الدعوية عشرات المكتبات في الرياض مثلا ..
صارت مئات بل وصلت للآلاف !!!
وبعد ان كانت أ عداد الشباب الذي يتدين ويستقيم بالآلاف اصبح بالعشرات بل مئات الآلاف ..
الثاني :-[/color]
( الكيف ) .. في زمن المكتبات الخيرية .. كان الاهتمام بحفظ القرآن موجودا لكنه كان محدودا ... ولما أقفلت وصار النشاط في حلقات القرآن : صار الهم الأول لشباب الدعوة حفظ كتاب الله والتنافس فيه وختمه كاملا ..
في زمن المكتبات كان من النادر أن نصلي التراويح خلف شاب حافظ اكتأب الله كاملا ..
أما في زمن الحلقات صار حفاظ القرإن كاملا يزدادون سنويا حتى فاق عددهم عدد كل المنتمين للمكتبات قديما !!!!
هل هناك خير أعظم من هذا للخير ؟
أو توفيق أكبر من هذا التوفيق !!
الثالث : هداية الفتيات :-
لم تكن هناك مكتبة خيرية واحدة خاصة بالفتيات !!! ولا توجد أي أنشطة دعوية تربوية تتعلق بهن !!
إلا من خلال مصليات مدارسهن الفترة الصباحية خلال الفسح اثناء العام الدراسي فقط !!
بعد توافد شباب الصحوة على حلقات التحفيظ كان من السهل على المجتمع جدا : أن يقتنع بإلحاق بناته ونسائه لحلقات نسائية ليحصل التنافس الأشرف والأظهر بين شباب وفتيات السعودية على حفظ كتاب الله سنويا والإعداد المتضاعفة من هؤلاء الصالحين والصالحات الذين يتخرجون كل عام لتقر بهم عيون المسلمين والمسلمات !!!
زمن المكتبات لم توجد مكتبة خيرية نسائية واحدة !!!
وحينما اغلقت وأطبق علينا الحزن والقهر :[/color]
افتتحت في المملكة آلاف من دور تحفيظ القرإن الكريم فاللهم لك الحمد والشكر .
وبعد :-
هل يعني هذا أننا سعيدون بقرار : إغلاق معاهد القرإن الكريم في المملكة العربية
السعودية . بلاد الحرمين .. ومهبط الوحي .. ومنبع كتاب الله ؟!!
قطعا : لا !!!
لكننا مؤمنون بقوله تعالى :
(( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174
بشارة :-
روى تميم بن أوس الداري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذلًّا يُذِلُّ الله به الكفر)؛ رواه الإمام أحمد والطبراني والبيهقي، وصحَّحه الحاكم والعلامة الألباني.
